أبرز العبر التي سطرها الكويتيون شعباً ومجتمعاً وأسرة حاكمة وقوى سياسية مختلفة، ومثقفين واعلاميين انهم حين اجتاح الجيش العراقي بلادهم في 2/8/1990، في عهد الرئيس الراحل صدام حسين وقفوا وقفة رجل واحد رافض لهذا الاجتياح، والاهم من ذلك ان هذا الرجل الواحد اي شعب الكويت كله، رفض التعاون بأي شكل من الاشكال مع جيش الاحتلال الاخوي وكان هذا هو الباب الذي دخل منه العالم لالزام نظام بغداد على الانسحاب بالقوة كما رغب.
هذا درس في الوطنية الكويتية التي كشفت للدنيا كلها عمقها في نفوس الكويتيين، وهم اسر وتجار وقبائل وعشائر ومشارب مختلفة في الثقافة والمعرفة والفكر.. لكن انتماءها للكويت وطناً ابدياً مستقلاً هو الامر الحاسم الذي اثار اعجاب الدنيا كلها، وهو المدماك والاساس الذي اعاد الكويت حرة عربية مستقلة ديموقراطية.
نستذكر هذه الحالة الفريدة في سلوك شعب عربي، لنقارنها بحالة سلبية ويا للأسف في كيفية تعامل معظم اللبنانيين مع الوجود السوري في لبنان طيلة 30 سنة، وقبلها في كيفية تعاملهم مع المنظمات الفلسطينية التي أقطعها مجلس النواب اللبناني قطعة من ارض الجنوب تمددت منها نحو كل لبنان، وكانت احد ابرز اسباب الحرب الاهلية المجنونة طيلة خمسة عشر عاماً.
فلو تمسك اللبنانيون بوطنيتهم اللبنانية، لما انفجرت الحرب الاهلية، ولا رفعت شعارات الدفاع عن عروبة لبنان والمقاومة الفلسطينية، حتى وصلنا الى ان عروبة لبنان باتت مهددة بسبب المقاومة نفسها حين راح جزء من الشعب اللبناني نحو اسرائيل، واستدرجت المقاومة نفسها العدو الصهيوني الى احتلال الوطن طيلة 22 سنة (1978 – 2000).
ولو تمسك اللبنانيون بوطنيتهم اللبنانية لما امكن للوجود السوري في لبنان ان يتحول الى وصاية كريهة دمرت المؤسسات والكرامات، وساهمت في ايصال الدين العام الى ما يزيد عن 45 مليار دولار خلال 15 عاماً فقط (1989 – 2004).
لذا،
يبدو ان تصحيح العلاقات اللبنانية – الفلسطينية واللبنانية – السورية لا يتم الا بالوطنية اللبنانية اولاً، التي تحرص على موقف وطني قبل القومي عن حق شعب فلسطين بالعودة الى ارضه، وفق سيادة لبنان اولاً ومرجعية الشعب الفلسطيني في سلطته الوطنية الشرعية.
والوطنية اللبنانية يجب ان تكون قاعدة التعامل المستجد بندية كاملة مع الشقيقة سوريا، بعد ان ساهمنا جميعاً في التسابق على تقديم واجب الولاء والطاعة للمصلحة السورية – وهي مصلحة نظام وصلت الى مصالح ضباط امنيين او عسكريين، او مصلحة حزبيين - على حساب المصلحة الوطنية.
نتحدث عن الحاجة الى التمسك بالوطنية اللبنانية واعلاء كلمتها، ونحن ندرك انها الواجب الاول الذي يجب ان نعتمده في العلاقة الجديدة مع سوريا، دون ان ننسى ان الاخطاء والخطايا التي ارتكبها ممثلو نظام دمشق في لبنان والتهديد بالقتل وعمليات الاغتيال والتفجير والنفي والاهانات وتدمير المؤسسات التي يحمّلها كثير من اللبنانيين لهذا النظام، اوهنت وأضعفت وأفرغت الوطنية اللبنانية والوطنيين اللبنانيين من كل قدرة على المقاومة الا من حمل الجمر بين يديه وظل على موقفه الرافض لهذه الاخطاء والخطايا وعلى رأسهم البطريرك الماروني العاقل وقادة سياسيون كبار داروا الاخطاء بالقلب وباللسان في اضعف الايمان وعلى رأسهم الزعماء صائب سلام وتقي الدين الصلح وريمون اده والزعيم الوائلي كامل الاسعد..
وبقدر ما يكون درس الكويت عبرة للبنانيين، فإن فرصة تصحيح العلاقات اللبنانية – السورية وهو الشعار الذي تحدث به الرئيس بشار الاسد في خطاب القسم رئيساً لسوريا خلفاً لوالده في شهر تموز/يوليو 2000 تقع على عاتق سوريا دائماً، فليس للبنان اي مطامع في سوريا، ولا يمكن للبنان ان يدير سياسة في سوريا، ولا يريد لبنان ان يستتبع احداً في سوريا، ولا يرضى لبنان ابداً ان يتعامل بازدواجية مع سوريا، ولا ان يقوي احداً فيها على النظام.
لقد كانت الكويت كلها مع العراق خلال حربه مع ايران 1980 – 1988، ولا يمكن للبنان الا ان يكون كله مع سوريا اذا تعرضت لأي عدوان.. والعبرة كلها في الوطنية هنا وهناك وفي المصالح هنا وهناك.. صباح الخير يا جاري انت بحالك وأنا بحالي.