الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فهذه فرصة عظيمة للتغيير... تلك التي يمنحنا إياها الله -تعالى- في رمضان... ألا ترى أنك يتغير نمط حياتك ووضعية عاداتك.
تجوع في الصيام وتتحمل، تقوم وتصلي وتتحمل التعب، تمسك لسانك عن الخطأ، وتبعد نفسك عن الغضب.
قال ابن زيد والسدي: كانت سنة الصيام عند أهل الكتاب الإمساك عن الأكل والكلام.
ومن سنتنا نحن في الصيام الإمساك عن الكلام القبيح؛ قال عليه الصلاة والسلام: (إذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم) رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني.
وقال عليه الصلاة والسلام: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِى أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) رواه البخاري.
هذا إن كنت جاداً في أن تعايش الصوم وتعيش به. ألا يجرك هذا إلى محاولة جادة للتغيير؟
حقاً لماذا لا نتغير؟
ولكن أي تغيير؟ البعض قد يتغير للأسوأ، فيجره تغيير نمط حياته في رمضان إلى إدمان السهر مثلا على الشهوات، لابد أن تعرف ما ينبغي أن تغيره حتى تتغير، أو بمعنى أوضح لا بد من التعرف على مشاكلك الشخصية ومراجعة لعلاقتك بربك، هل أنت راض عن مستوى تلك العلاقة أم لا؟ فتلك بداية التغيير.
هلا راجعت خدمتك لهذا الدين! هل فكرت يوماً أن تكون من جنوده... داعياً أو عاملاً أو متطوعاً بخير؟
قال -تعالى- : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (الحشر:18)
أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم.
وعن عمر قال: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا فإنه أيسر لحسابكم، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا وتجهزوا للعرض الأكبر (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)
أخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن جابر بن عبد الله قال: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل فطرك وصومك سواء.
حاول أن تتغير وستجد أنك تُعانُ على التغير... إن تقربت إلى الله ذراعاً تقرب إليك باعاً.
إن أردت التغيير والصلاح ولجأت إلى ربك بصدق وعلم منك تلك النية فأبشر بخير.
ابدأ الآن وليس غداً
فقط ابدأ وتأمل وقس حالك بحال الصالحين من سلف الأمة وخلفها وادع ربك -تعالى- أن يعينك على التغيير وستجد النتيجة... حتما ستجدها إن شاء الله -تعالى-
وأنا في هذه السلسلة سأحاول أن أحاورك عن تغيير الأخلاق كأحد محاور التغيير التي يرشدنا الصوم إليها فالله -تعالى- أسأل أن يعننا وإياكم على ذلك التغيير.